“إسرائيل” قاعدة رئيسية لليهودية الأميركية في القرن 21

"الأيباك"يملك سلطة تامة على الكونغرس الأميركي، بسبب قدرته على مكافأة المشرّعين وأعضاء الكونغرس المرشحين الذين يدعمون أجندته، ومعاقبة أولئك الذين يتحدّونه.

0 44

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

يتناول كتاب: “نحن لسنا واحداً: تاريخ قتال أميركا من أجل “إسرائيل”، “We Are Not One: A History of America’s Fight Over Israel” للباحث والمؤرخ اليهودي الأميركي إيريك ألترمان، بالتفصيل جذور التحالف الأميركي الإسرائيلي ومضامينه وآثاره المستقبلية، ويبحث الأساسات بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، والتوترات الحرجة التي تسبّب بها في جوهر الخطاب اليهودي الأميركي حول “إسرائيل”، وكيف أصبحت الحركة الصهيونية عنصراً أساسياً في الثقافة السياسية اليهودية والأميركية.

ينطلق الكتاب الصادر عن مؤسسة: Basic Books في نيويورك، من حرب 1967 التي يرى فيها نقطة انعطاف أساسية. برأيه فإنّ “الأميركيين، بمن فيهم اليهود، لم يكونوا يولون اهتماماً كبيراً لإسرائيل أو للتحديات المختلفة التي واجهتها في السنوات الأولى لقيامها كدولة. إنما مع اندلاع حرب الأيام الستة، وبين عشية وضحاها، أصبح دعم إسرائيل مكوّناً أساسياً للهوية اليهودية الأميركية”.

تلك الحرب شكّلت ذروة اهتمام اليهود الأميركيين بـ “إسرائيل”، حيث بات دعم الجالية اليهودية “المنظّمة” يمثّل جوهراً مركزياً للكيان، وراح يتزايد مع انضمام العديد من جماعات الضغط التابعة للمنظمات اليهودية وللمسيحيين وللمحافظين- المسيحيين الجدد (الذين يقولون إن نصرة “إسرائيل” هي تفويض إلهي) – ونشطوا بفعالية من أجل الحفاظ على صورة إيجابية للكيان في الإعلام الأميركي، كما في الثقافة الشعبية الأميركية وبالتالي الغربية عموماً، كما في عوالم السينما والجامعات ومؤسسات الدراسات، وصولاً إلى الكونغرس ومراكز القرار في الغرب.

اعتمد اليهود الأميركيون شعار “معاداة السامية” سلاحاً يشهرونه ويستخدمونه بمنتهى الكيدية في وجه كل من يعارض توجّهاتهم. كذلك استنبطوا شائعة المحرقة اليهودية وأضفوا عليها الكثير من المزاعم والخرافات، وأعادوا طرحها بقوة مع التركيز عليها وتثبيتها في الذاكرة الجمعية لليهود أولاً وللغرب برمّته.

ضغط اللوبي اليهودي

يرى الكاتب أن حركات الضغط التي تبنّت كل ذلك على أنه بمثابة الجوهر المركزي لأنشطتها، استفادت من تكاثر وازدياد الجمعيات المؤيّدة لها، والتابعة للمنظمات اليهودية وللمسيحيين المحافظين الجدد (الذين يعتقدون أن إنقاذ “إسرائيل” هو تفويض إلهي) في سبيل تجميل صورة الكيان البشعة والحفاظ على إيجابيتها في الإعلام الأميركي.

فاجتاحت أفكارهم وشعاراتهم الثقافة الشعبية والأندية السياسية تحت إدارة وتنظيم القوة اليهودية الصهيونية في الولايات المتحدة، والتي نجحت إلى حد بعيد في “القبض” على الرأي العام الأميركي، ومن ثم الغربي من خلال الدفع بتهمة “معاداة السامية” لمن يعارضهم، والتركيز على المحرقة في الذاكرة الجمعية للشعوب كما للكيانات الرسمية. ويقتبس الكاتب “ألترمان” عن بنزيون نتنياهو (والد بنيامين نتنياهو) قوله: “إن التاريخ اليهودي هو إلى حد كبير تاريخ محرقة”.

والجدير ذكره أن هذه الجماعات نجحت في زرع التاريخ المزعوم للمعاناة اليهودية، مادة أساسية في صلب المجادلات التي تناقش العلاقة بين أميركا والكيان، الأمر الذي كان له أكبر التأثير على الثقافة السياسية للمجتمع الأميركي، حيث بات دعم الجالية اليهودية المنظّم لـ “إسرائيل” صانعاً أساسياً للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

يوالف “ألترمان” السياقات والتقاطعات التاريخية لنشأة وتطوّر كل من الحركة الصهيونية والولايات المتحدة الأميركية، فيوصّف توجّه الصهيونية لإقناع الأميركين بـوجود نوع من “القدرية” في أساس العلاقة بين “إسرائيل” وأميركا، لتوثيق فكرة التحالف بين الجانبين، ولو كان ذلك بعيداً عن الواقع ومجافياً له من عدة نواحٍ، اللهم إلا في ما يتصل بارتكابات المهاجرين في أميركا بحق الهنود الحمر، وهم سكان أميركا الأصليون، حتى إبادتهم تقريباً، وهو ما يماثل ارتكابات العصابات الصهيونية في حق الفلسطينيين… هذه الارتكابات التي لم تنجح في إلغاء أهل فلسطين ولا حتى في إسكاتهم عن حقوقهم في بلدهم.

ولعل في عنوان الكتاب “نحن لسنا واحداً: تاريخ قتال أميركا من أجل “إسرائيل” ما يشي إلى حدّ بعيد بما أراد اليهود دسّه في المخيّلة الجماعية الأميركية، بهدف إبراز دور ملتبس وغير حقيقي لـ “إسرائيل” في سياق بناء الهوية اليهودية الأميركية. وفي هذا السياق يستعيد الكاتب كلمات للحاخام “ألكسندر شندلر”، زعيم اليهودية الإصلاحية، يشبّه فيها ارتباط اليهود بـ “إسرائيل” بـ “آلة غسيل الكلى، التي لا يستطيع اليهود الأميركيون العيش من دونها”. وبالفعل فإن الرئيس التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى “ويليام داروف” صرّح خلال العام الماضي 2022 أنّ “إسرائيل”: “قاعدة رئيسية لليهودية الأميركية في القرن الحادي والعشرين”.

الواقع أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ــ الذي هو تحالف واسع بين الأفراد والمنظّمات التي تعمل بنشاط لتوجيه السياسة الأميركية الخارجية إلى اتجاه مؤيّد لـ “إسرائيل” ــ أدّى الدور الأساس في معاداة الشعوب والقليل من الحكومات العربية لأميركا. ففي المنطق الدولي الأساسي ينبغي أن تحظى المصلحة القومية الأميركية بالصدارة المطلقة في أولويات سياسة البلاد الخارجية، إلا أنه وعلى امتداد الفترة الزمنية الماضية، ولا سيما بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، أصبحت علاقة الولايات المتحدة بالكيان حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية.

وقد أدت المزاوجة بين سياسة الدعم المتواصل وغير المحدود من أميركا ل‍لكيان، وبين السعي لنشر الديمقراطية في أرجاء المنطقة، إلى إلهاب مشاعر السخط في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي، ما هدّد أمن الولايات المتحدة ذاتها. وهذا ما أقرّ به الكاتبان “جون ميرشايمر” أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، و”ستيفن والت” أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، في كتابهما ــ “اللوبي الإسرائيلي والسياسة الأميركية الخارجية” ( – The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy)‏، والذي كلّفهما نشره تخلّي جامعتا هارفارد وشيكاغو عنهما كأستاذين، حيث سجّلا بين صفحاته أنه “لم يتمكّن أيّ لوبي من تحويل السياسة الأميركية الخارجية عن المصالح الأميركية القومية، غير اللوبي اليهودي، الذي عمل وما انفكّ يعمل على إقناع الأميركيين بأن مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل متطابقة في الأساس”.

من جهة مقابلة يشير الكاتبان ميرشايمر ووالت في كتابهما المذكور أن الأيباك على وجه الخصوص باتت لديه سلطة تامة على الكونغرس الأميركي، بسبب قدرته على مكافأة المشرّعين وأعضاء الكونغرس المرشحين الذين يدعمون أجندته، ومعاقبة أولئك الذين يتحدّونه، واللجنة اليهودية الأميركية (AJC)، والنداء اليهودي الموحّد United Jewish Appeal  (UJA)، وكلها غير مسؤولة أمام المجتمع الذي تدّعي أنها تتحدث باسمه. فهم مسؤولون فقط أمام المتبرّعين الأثرياء الذين يتحكّمون في مجالس إدارة هذه المجموعات”.

ليست “إسرائيل” الحقيقية!

في ملاحظة لمّاحة للكاتب “ألترمان” يقول “إن الكثير من الاستنتاجات لا تكون صحيحة دائماً. ففي أوائل القرن العشرين، رفض يهود الولايات المتحدة وأماكن أخرى في العالم الحركة الصهيونية إلى حد كبير باعتبارها حركة هامشية”. ويوضّح أمراً بالغ الأهمية بقوله إن “إسرائيل” التي طلبت من اليهود التعاطف معها، لم تكن “إسرائيل” الحقيقية، بل “إسرائيل” الخيالية المثالية التي صوّرتها رواية وفيلم “الخروج”… حيث برزت صورة داوود الإسرائيلي وهو يقاتل جالوت العربي، وهي الصورة الأكثر تضليلاً وبعداً عن الواقع.

ويتابع “الترمان” قائلاً: “لقد بات العديد من أفراد الجالية اليهودية، وبخاصة طلاب الجامعات، غير قادرين على توجيه انتقادات لإسرائيل، تلك الإسرائيل التي تدرّبوا على الإيمان بها من قبل المجتمع اليهودي المنظّم، والتي هي غير موجودة في الواقع، وبالتالي فقد كانوا غير مستعدين للنقد المشروع ضد إسرائيل، إسرائيل الحقيقية. وصار مجرد انتقادها معاداة للسامية، وهجوماً على هوية اليهود”.

لقد عزّزت حرب حزيران/ يونيو 1967 ونتائجها تشدّد اليهود الأميركيين بعد أن استباحت جيوش الكيان أراضي عربية واسعة، وتضاعفت مساحته أكثر من ثلاث مرات، ورأوا في ذلك تحقيقاً لأوهامهم بإقامة دولة على حساب الشعب الفلسطيني، في ظل انهيار عربي يقارب التواطؤ.

وأدّى كل ذلك إلى استنهاض الأوهام الكتابية “التوراتية”، وتنشيط وتفعيل قطاعات من اليهود في كلّ من “إسرائيل” والولايات المتحدة لخدمة الهدف. كذلك أدت إلى “التقديس المفاجئ للمحرقة Shoah “، والذي كان متشابكاً بدرجة عميقة مع الالتزام القوي لليهود الأميركيين تجاه الكيان الذي أصبح ملاذاً أيديولوجياً ومادياً لليهود، فارتبطت ذكرى الهولوكوست بفكرة تؤكد أن وجود دولة يهودية، يمثّل الضامن الوحيد الذي يمكنه الحماية من أي هجوم يستهدف الإبادة الجماعية لليهود في أي مكان.

من هنا استعر تأييد المجتمع الأميركي للكيان المغتصب بتأثير مباشر من مجموعات المصالح المؤيدة لـ “إسرائيل” في العاصمة واشنطن وفي معظم دوائر القرار، وسرعان ما استحوذت هذه المجموعات على الموارد والنفوذ السياسي. ومع نهاية التسعينيات، لم يحتضن معظم القادة اليهود “إسرائيل” لمصلحة الدولة فحسب، بل اعتقدوا أيضاً أن دعم “إسرائيل” كان مفتاحاً لبقاء يهود الولايات المتحدة أكبر جالية يهودية في الشتات، وتعمّقت بالتالي مركزية “إسرائيل” في سياق الهوية اليهودية من جهة، وفي السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، ونصرتها على مختلف الصُعُد من الجهة الأخرى.

وهذا ما أفضى إلى انزلاق الإدارة والمجتمع الأميركيين بثبات نحو اليمين، مقابل إهمال إرث العدالة الاجتماعية والقيم الأميركية التقليدية. لذا نجحت الجالية اليهودية المنظّمة في الولايات المتحدة، إضافة إلى الحلفاء المسيحيين الإنجيليين، في ضمان عدم مهاجمة الحكومة الأميركية لارتكابات الكيان المحتل وتجاهلها حل الدولتين، ما قاد إلى تثبيت فكرة “إسرائيل اليهودية”.

وكلما شجب الفلسطينيون وهيئات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، الاحتلال الإسرائيلي الوحشي لفلسطين وانتهاكات حقوق الإنسان، تعمل جماعات الضغط اليهودية على نفي هذا الخطاب ومحاصرته وخنقه مثبتين غياب أي رؤية للسلام عندهم.

المال اليهوديّ

يصوّر كتاب “ألترمان” حقيقة التفاعل بين المنظمات الثقافية الأميركية وأندية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وعملية بناء علاقات أقوى بين البلدين، مع الدفع المتواصل إلى ضخ مليارات الدولارات كمساعدات أميركية للكيان. وتزامن ذلك مع تحوّل “إسرائيل” الطويل تجاه اليمين، واعتمادها على المزيد من التشدّد والقمع وتبنّي النزعة القومية المفرطة، في ظل التراجع الديمقراطي للولايات المتحدة.

لذلك كان من الطبيعي عدم تشكيك الإدارات الأميركية المتعاقبة بالسلوك الإسرائيلي الإجرامي. في حين كانت “أيباك” وجوقتها في الولايات المتحدة على أتمّ الاستعداد لتقديم الدعم المالي المشين والمناقض لكل قانون أو عرف.

ويلقي “ألترمان” باللوم على تقليد جمع التبرّعات مثلاً وإبراز دوره في تحقيق الانفصال بين الرأي العام الأميركي والسياسات التنظيمية. ويشير إلى أنه مع تفاقم السلوك الاستيطاني المتوحّش داخل الكيان في الفترة الأخيرة، فإن الرئيس الأميركي بايدن ومعظم أعضاء الكونغرس الديمقراطيين، لم يغيّروا من مواقفهم المؤيّدة للكيان، واستمرّوا في احتضان “إسرائيل” على الرغم من الاحتلال والفظائع التي يرتكبها بحق أهل فلسطين.

أكثر من نصف الأميركيين

ركّز كتاب “نحن لسنا واحداً: تاريخ قتال أميركا من أجل “إسرائيل”، على كيفية استلاب مجموعات الضغط اليهودية للرأي العام الأميركيّ ولقرارات الإدارات على امتداد العقود الأربعة المنصرمة، ما جعل من الكيان المغتصب نموذجاً مزعوماً لما يسمّونه الديمقراطية، في ما يؤول إلى تمكين الجالية اليهودية الأميركية من السيطرة شبه الكاملة على مسار السياسة الأميركية تجاه الكيان.

من هنا اتسعت بشكل كبير وفاضح المساحة التي تحتلها “إسرائيل” في النقاشات السياسية الأميركية، وباتت من الوقائع التي لا مثيل لها في تاريخ أيّ أمة. تجلّى ذلك في استخدام حق النقض “الفيتو” في الأمم المتحدة كلّما حوصر الكيان بالرأي العام العالمي، فضلاً عن تواصل دعمه بالمساعدات المالية والعسكرية التي ضمنت له تفوّقاً عسكرياً استراتيجياً دائما ضد الفلسطينيين.

لا شكّ أنّ وقوف الولايات المتحدة الأميركية على رأس هرم النظام العالمي بمستوياته السياسية والاقتصادية والعسكرية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية 1939-1945، منح القرار الأميركي أهمية بالغة تستوجب دراسة مدخلاته وطرق اتخاذه. فالقرار الأميركي (الداخلي والخارجي) يتشكّل بناء على مجموعة من العوامل المختلفة ذات المستويات الشعبية والرسمية والدولية، ويأخذ المستوى الداخلي النصيب الأكبر في بنائه من خلال دور الحزب الفائز في الانتخابات، ودور القادة والسياسيين البارزين في الكونغرس، وتأثير أصحاب رؤوس الأموال، ومراكز البحث والفكر، إضافة إلى تأثير الرأي العام. وهذه جميعها كانت ضحية مجموعات الضغط اليهودية التي نشطت في التأليب على الفلسطينيين.

تشير الدراسات اليوم إلى أن أكثر من نصف الشعب الأميركي ينتسب رسمياً الى إحدى جماعات الضغط الموجودة على الساحة. وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة العربية في السياسة الأميركية، نظراً لموارد النفط والموقع الهام، إلا أن فاعلية أشباه اللوبيات العربية في نصرة الفلسطينيين لم تكن ذات قيمة، في حين أن أهم لوبي ضاغط على القرار الأميركي، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل على المستوى الدولي، كان يتشكّل من مناصري الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

ومنذ عام 1945 لم يعد القرار السياسي الأميركي شأناً داخلياً خاصاً بالولايات المتحدة الأميركية، وذلك بسبب ظهور القطبين العالميين، وبداية الحرب الباردة، وانبثاق سباق التسلّح لترجيح كفة الميزان الدولي نحو الاتحاد السوفياتي أو الولايات المتحدة، وظهور ما تطلق عليه تسمية الحروب الصغيرة أو الإقليمية التي تغذّي عملية كسب التوازن ما بين القطبين. ومنذ ذلك الحين، لم تعد السياسة الأميركية الداخلية تصنع بناء على ديناميكياتها الخاصة، بل أضحت تتغذى بالمتغيّرات الدولية التي تؤثّر فيها بطريقة ما، ودائماً تحت المطرقة الإسرائيلية.

خاتمة

إن تربُّع الولايات المتحدة على رأس النظام العالمي، وامتلاكها لأغلب قنوات القرار الدولي، جعل من المهم بمكان سعي الدول من حول العالم للحصول على معاملة خاصة من جانب واشنطن، من دون الالتفات إلى مقدار الخداع والتزوير في السلوكية السياسية للإدارة الأميركية، التي كانت ولا تزال تُخفي الكثير من الحقائق عن الشعب الأميركي، حيث تميّزت اللوبيات الصهيونية في امتلاك كل ما يلزم من التفوّق والمقدرة لإمداد الكونغرس بما تريد، وإقناعه بمشروعية كل ما هو لمصلحة الكيان المحتل.

ويقول “ألترمان” في كتابه بهذا الصدد: “إن جميع ما يحدث بالفعل في منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل تحديداً ليس له علاقة تذكر بما تتمّ مناقشته بالفعل في الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة تناقش نسخة أسطورية لما يحدث هناك”.

والحال فليس على “إسرائيل” سوى القيام بما تراه مناسباً لها، مهما كان مخالفاً للقوانين الوضعية أو الدولية أو الإنسانية لإضعاف عدوها والقضاء عليه لتفرض سيطرتها على فلسطين. ويبقى على الولايات المتحدة القيام بأغلب العمل المطلوب لإنجاح كل ذلك، ليس فقط بالدعم المالي والسلاحي بكل أنواعه، بل وصولاً إلى القتال والموت في سبيل “إسرائيل”، وبذل كل المطلوب لإعادة البناء والتذخير.

وهذا ما لا تكشفه الإدارة الأميركية في تصريحاتها عن “إسرائيل”.

Leave A Reply

Your email address will not be published.