تأتي بطولة العالم لكرة السلة في المركز الثاني من حيث المتابعة الجماهيرية والاهتمام العالمي بها كلعبة جماعية بعد مونديال كرة القدم، الذي يحتل المركز الأول، ولا يمكن لأي رياضة جماعية أن تنافسه على هذه المكانة.
في هذه الفترة، تُلعب منافسات مونديال كرة السلة في الفلبين واليابان وإندونيسيا، وذلك بعد أشهر من مونديال كرة القدم 2022 في الشتاء الماضي، وفي البطولتين كانت المنتخبات العربية حاضرة.
لكن، مجدداً، تؤكد المنافسات الفرْق الكبير بين الوجود العربي في مونديال كرة القدم والوجود في مونديال كرة السلة والإنجازات العربية في كليهما.
في مونديال 2022 لكرة القدم، تمكن منتخب المغرب من كتابة التاريخ بوصوله إلى نصف النهائي للمرة الأولى لمنتخب عربي وأفريقي، إذ خسر بصعوبة أمام منتخب فرنسا بعد أداء رائع رافقه طوال البطولة منذ دور المجموعات، حيث فاز على منتخبَي بلجيكا وكندا وتعادل أمام منتخب كرواتيا القوي وتصدّر مجموعته، قبل أن يطيح منتخب إسبانيا من دور الـ 16، ومن ثم منتخب البرتغال ونجمه كريستيانو رونالدو من ربع النهائي، وكل ذلك في مشهدية أبهرت العيون وخفقت لها القلوب العربية ونالت إطراءً عالمياً.
في مونديال 2022 أيضاً، كان منتخب السعودية يفوز في مباراة لا تُنسى على منتخب الأرجنتين ونجمه ليونيل ميسي الذي عاد وتوّج بطلاً للعالم، كما أن منتخب تونس غلب منتخب فرنسا في دور المجموعات.
تاريخياً أيضاً، حضرت الإنجازات العربية في بطولات العالم لكرة القدم كما في الفوز التاريخي لمنتخب الجزائر على منتخب ألمانيا بأساطيره في مونديال 1982 وخروجه من البطولة بعد ظلم تلقاه، وكذلك إنجاز منتخب الجزائر أيضاً بالتأهل إلى الدور الثاني في مونديال 2014 حيث كان قريباً من التأهل إلى ربع النهائي وإطاحة منتخب ألمانيا الذي توج باللقب، وهناك أيضاً إنجاز منتخب السعودية بالتأهل إلى الدور الثاني في مونديال 1994 والهدف التاريخي المونديالي لنجمه آنذاك سعيد العويران، كما أدى منتخب المغرب مستوى رائعاً في مونديال 1998 حيث فاز على منتخب اسكتلندا بنتيجة 3-0 وتعادل أمام منتخب النرويج بنتيجة 2-2، رغم خروجه من دور المجموعات.
في المقابل، وفي مونديال 2023 لكرة السلة الحالي، فإن المنتخبات العربية الثلاثة وهي: مصر ولبنان والأردن خرجت جميعها من دور المجموعات ولم تحصد سوى فوز واحد للمنتخب المصري على منتخب المكسيك، مقابل خسارته أمام منتخب ليتوانيا ومنتخب مونتينيغرو.
فيما خسر منتخب لبنان أمام منتخبات لاتفيا وكندا وفرنسا، وخسر منتخب الأردن أمام منتخبات اليونان ونيوزيلندا والولايات المتحدة، قبل أن يفوز منتخب لبنان على كل من ساحل العاج وإيران، ومنتخب مصر على منتخب الأردن في المباريات على المراكز والتي تؤهل إلى الأولمبياد، وليفشل بذلك أي منتخب عربي في التأهل إلى ربع النهائي.
كما لم تشهد بطولات العالم السابقة في كرة السلة إنجازات عربية تُذكر أو تأهُّل إلى ربع النهائي، باستثناء فوز منتخب لبنان على منتخب فرنسا ثالث بطولة أوروبا حينها ووصيف أولمبياد سيدني 2000، وذلك في دور المجموعات في مونديال 2006.
لكن، على أي حال، لا يبدو غريباً أو مفاجئاً هذا التناقض بين الحضور العربي والإنجازات العربية في مونديال كرة القدم ومونديال كرة السلة، إذ يجدر القول إن المستويات في كرة القدم تبدو متقاربة نوعاً ما ويمكن تقليل الفوارق، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الكثير من اللاعبين في المنتخبات العربية لكرة القدم يحترفون في أهم الأندية الأوروبية ويعرفون جيداً الكرة العالمية، وهذه هي حال منتخب المغرب في مونديال 2022 مع لاعبين كحكيم زياش ونصير مزراوي ويوسف النصيري وعز الدين أوناحي وأشرف حكيمي وياسين بونو الذين يلعبون في أهم الأندية العالمية، وقبل ذلك مع منتخب الجزائر في مونديال 2014.
في المقابل، فإن اللاعبين في المنتخبات العربية لكرة السلة يغيبون عن الاحتراف في الفرق العالمية، لذا فإن هذه المنتخبات بمعظمها تلجأ إلى تجنيس لاعبين أجانب لرفع مستوى أدائها من دون التقليل من مستوى لاعبيها المحليين بالتأكيد، فيما نرى أن كثيراً من لاعبي المنتخبات المنافِسة يحترفون في البطولات الكبرى بما في ذلك دوري الـ”NBA” الذي يرفع من مستوى اللاعب كثيراً ومنتخب بلاده.